في الخلوة والجلوة، وتدعوه في السراء والضراء، بخلاف المشرك الذي تقسمت قلبه الآلِهة والمعبوداتُ، فمرة يتجه إِلى الأحياء ومرة يتجه إِلى الأموات، ومن هنا قال يوسف -عليه السلام-: {ياصاحِبَي السجن أأرباب مُتفرِّقون خيرٌ أمِ الله الواحدُ القهار}[يوسف: ٣٩]
فالمؤمن يعبد إِلهًا واحدًا، عرف ما يرضيه وما يُسخطه، فوقف عندما يُرضيه، واستراح قلبه؛ والمشرك يعبد آلهة عديدة، هذا يأخذه إِلى اليمين، وآخر إِلى اليسار، وهو بينهم مُشتت لا قرار له.
٣ - التوحيد مصدر لأمن الناس: لأنه يملأ نفس صاحبه أمنًا وطمأنينة، فلا يخاف غير الله، وقد سَدَّ منَافذ الخوف على الرزق والنفس والأهل، والخوف من الإِنس والجن والموت وغيرها من الخاوف، والمؤمن الموحد لا يخاف أحدًا إِلا الله، ولهذا تراه آمنًا إِذا خاف الناس، مطمئنًا إِذا قلق الناس؛ ولهذا المعنى أشار القرآن الكريم بقوله:{الذين آمنوا ولم يَلْبِسوا إِيمانهم بِظلم أولئك لهم الأمنُ وهم مُهتدون}. [الأنعام: ٨٢]
وهذا الأمن ينبع من داخل النفس، لا مِن حراسة الشرطة وهذا أمن الدنيا، وأما أَمنُ الآخرة فهو أعظم وأبقى، لأنهم أخلصوا لله ولم يخلطوا توحيدهم بشرك، لأن الشرك ظلم عظيم.
٤ - التوحيد مصدر لقوة النفس لأنه يمنح صاحبه قوةً نفسية هائلة لِما تمتلئ به نفسه من الرجاء في الله، والثقة به والتوكل عليه، والرضا بقضائه والصبر على بلائه، والاستغناء عن خلقه؛ فهو راسخ كالجبل، فإِذا نزلت به مصيبة سأل ربه كشفها، ولم يسأل الأموات ذلك، شعاره قوله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]
وقوله تعالى:{وِإن يمسَسْكَ الله بضرٍّ فلا كاشفَ له إِلا هو}. [الأنعام: ١٧]