للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعجيب أن الأشاعرة أخذوا عن المعتزلة تفسير استوى بمعنى استولى، وفشى هذا في بعض كتب التفسير والتوحيد وأقوال الناس، فأنكروا العلو لله -عَزَّ وَجَلَّ- كما دلت عليه الآيات والأحاديث الصحيحة وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، حتى خالفوا اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم.

ورحم الله ابن القيم حين قال: لقد أمر الله اليهود أن يقولوا [حطة] فقالوا حنطة تحريفًا وأخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه {اسْتَوَى} على العرش فقال المتأولون: استولى، فانظر ما أشبه لامهم التي زادوها بنون اليهود التي زادوها.

(وهذا معنى ما ذكره نظمًا) [انظر القصيدة النونية لابن القيم]

٢ - ومن التفسير باللغة العربية ما حكاه الله عني إبراهيم عليه السلام:

{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}. [الأنبياء: ٥٢]

ومعنى التماثيل: الأصنام، كما في تفسير فتح القدير للشوكاني.

حيث قال: والتماثيل: الأصنام، وأصل التمثال الشيء المصنوع مشابهًا لشيء من مخلوقات الله سبحانه، يقال مثَّلت الشيء بالشيء إذا جعلته مشابهًا له، واسم ذلك الممثَّل تمثال. [١٢/ ٤١١]

والأصنام التي كان المشركون يعبدونها تمثل الأولياء، والدليل:

أ - ذكر البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:

{وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}. [نوح: ٢٣]

قال: صارت الأوثان التي تعبد في قوم نوح في العرب. . . . وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسخ العلم عُبدت (أي الأصنام).

ومعنى: (نُسخ العلم) أي عِلم تلك الصور بخصوصها. [ج ٦/ ٧٣]

ب - وذكر البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى:

{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: ١٩]

قال كان (اللات) رجلاً يلت سويق الحاج. [ج ٦/ ٥١]

أقول: ولذلك سماهم الله تعالى بالأولياء في كثير من الآيات، منها:

قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الشورى: ٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>