ومن هذا التفسير المتقدم تعلم خطأ كثير من المسلمين الذين يزعمون أن المشركين الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا يدعون أصنامًا من الحجارة وليسوا بأولياء، وهذا خطأ لأن الأوثان والأصنام كانت تمثل رجالًا صالحين كما تقدم.
٣ - ومن التفسير باللغة العربية قول الله تعالى:
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}. [محمد: ١٩]
فالإله: معناه العبود، فيكون معناها: لا معبود إلا الله، ولما كانت العبودات
من دون الله كثيرة: فالهندوس في الهند يعبدون البقر، والنصارى تعبد المسيح، وبعض المسلمين -مع الأسف الشديد- يعبدون الأولياء ويدعونهم من دون الله، والحديث يقول: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح]
لذلك كان لابد من إضافة كلمة (حق) على التفسير، فيصبح معناها: لا معبود
حق إلا الله، وبذلك خرجت جميع العبودات الباطلة كلها. والدليل على هذا
التفسير قوله تعالى:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [لقمان: ٣٠]
ومن هذا التفسير لمعنى الإِله يتبين خطأ كثير من المسلمين الذين ينكرون عُلُوَّا لله -عَزَّ وَجَلَّ- فوق عرشه، ويستدلون بقوله تعالى:
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤]
ولو عرفوا معنى الإِله لما استدلوا بالآية؛ لأن الإِله معناه العبود كما تقدم، فيكون معناها: وهو الذي في السماء معبود وفي الأرض معبود.
علمًا بِأن آيات كثيرة تثبت عُلُو الله على عرشه منه قوله تعالى:
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤]
[أي علا وارتفع].
ومن الخطأ أيضًا ما يقوله كثير من المسلمين من أن معنى:
(لا إِله إلا الله) لا خالق ولا رازق إلا الله؛ لأن المشركين كانوا يعترفون بذلك،
ولكنهم يعلمون أن الإِله معناه العبود، لذلك استكبروا عن قول: لا إله إلا الله كما قال الله تعالى عنهم:
{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}. [الصافات: ٣٥، ٣٦]