أحياء، ولأن الجهاد يُعزهم بعد ذلهم: فكأنما صاروا به أحياء. [انظر زاد المسير ج ٣/ ٣٣٩]
قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}
أولًا: قال القاسمي: يحتمل وجوهًا من المعاني:
أحدهما: أنه تعالى يملك على المرء قلبه، فيصرفه كيف يشاء فيحول بينه وبين الكفر إن أراد هدايته، وبينه وبين الإِيمان إن أراد ضلالته.
وهذا المعنى رواه الحاكم في مستدركه عن ابن عباس وصححه.
ويؤيده ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر أن يقول:
"يا مُقلِّب القلوب ثبتْ قلبي على دينك". [رواه أحمد والترمذي وحسنه]
"إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفها كيف يشاء، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"اللهم مُصرِّف القلوب، صرّف قلوبنا إلى طاعتك". [رواه مسلم]
ثانيهما: أنه حث على المبادرة إلى الطاعة قبل حلول المنية.
فمعنى {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} يميته فتفوته الفرصة التي هو واجدها، وهي التمكن من إخلاص القلب، ومعالجة أدوائه وعلله، ورده سليمًا كما يريده الله، فاغتنموا هذه الفرصة، وأخلصوها لطاعة الله ورسوله، فشبه الموت بالحيلولة بين المرء وقلبه الذي به يعقل في عدم التمكن من علم ما ينفعه علمه. [انظر تفسير القاسمي محاسن التأويل ٨/ ٣٥]
أقول: وفي الحديث دلالة على إثبات الأصابع للرحمن على ما يليق به تعالى من غير تشبيه ولا تمثيل، ومثلها اليدان، والساق، والقدم، والوجه، وغيرها من الصفات الثابتة في الكتاب والسنة.
١ - {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر والإِيمان. [مروي عن ابن عباس]
٢ - يحول بين المؤمن وبين معصيته، وبين الكافر وبين طاعته. [رواه العرفي عن ابن عباس]
٣ - يحول بين المرء وقلبه حتى لا يتركه يعقل. [قاله مجاهد]
قال ابن الأنباري: المعنى: يحول بين المرء وعقله، فبادروا الأعمال، فإنكم لا
تأمنون زوال العقول، فتحصلون على ما قدمتم.