للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحاسبهم إلا بعلمه بما صدر منهم لا على مجرد العلم السابق والكتابة في اللوح الحفوظ، فمعنى الآية: أن الله يبتلي عباده -أي يختبرهم ليعلم المجاهدين الصابرين من المنافقين- علماً يحاسبهم عليه وإن كان قد علمه قبل ذلك.

س ٣: هل الإِنسان مُسيّر أم مخيّر؟

جـ ٣: هذا السؤال خطأ من أصله فالِإنسان في أفعاله الاختيارية -كالطاعة والخير، والمعصية والشر- له قدرة واختيار لا ينكره إلا معاند، لأن كل إنسان يشعر بذلك في نفسه، وأثبت الله ذلك في القرآن فقال:

{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}. [سورة الكهف، آية ٢٩]

ولكن هذه المشيئة ليست مطلقةً بلا حدود، بل هي مقيدة بمشيئة الله لأن الله

هو الذي خلق الإنسان وخلق له القدرة والإِرادة كما قال سبحانه:

{وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}. [سورة الإنسان، آية ٣٠]

وهذا التقييد لا يعني إلغاء إرادته وأنه مُسَير أو مجبور بلا اختيار، بل لا يحاسب الله أحداً فقد إرادته كالمكره والمجنون والنائم، ولكن مشيئة الله تجري على العباد من خلال ما يعلمونه هم بأنفسهم وقدرتهم، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم وأفعالهِم، أما الأفعال غير الاختيارية كنبض القلب والانجذاب إلى الأرض مثلًا فلا خلاف أن العبد لا قدرة له عليها ولا اختيار. س ٤: إذا كان الله هو الذي شاء وجود الخير والشر وهو الذي خلقهما فهل يرضى عن الشر ويُحب أن يُعْصَى؟.

جـ ٤: الله لا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر، بل رضي لهم الإِسلام ديناً، وهو يحب المؤمنين والمتقين والمحسنين ولا يرضى عن القوم الفاسقين، فالمحبة والرضى تابعة لتنفيذ أمر الله الشرعي المنزل على رسله -لا لمجرد المشيئة في وجود الشيء،- فالله خلق إبليس ولا يحبه، وكذلك هو الذي خلق الشر ولا يرضى عنه، ولا يأمر عباده به، ولكنه خلقه لِحكَم يعلمها فهو العليم الحكيم: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}. [سورة الأنبياء، آية ٢٣]

لأن العباد يعجزون عن الإِحاطة بعلم الله وحكمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>