قال بعض السلف: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله فلا تتعبدوها. وقال حسان بن عطية المحاربي:"ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة". [رواه الدارمي بسند صحيح]
وقال ابن مسعود:"كم من مريد للخير لم يبلغه". [رواه الدارمى بسند صحيح]
فهذا معناه أن النية وحدها لا تكفي لتصحيح الفعل، بل لابد أن يضاف إلى ذلك التقيد بالمشروع.
وقد يقول قائل: هل معرفة البدع التي أُدخلت في الدين أمر هام؟
والجواب:
نعم لأنه لا يتم للمسلم التقرب إلى الله إلا باجتنابها، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفتها وإلا وقع في البدع وهو لا يشعر.
ومثل ذلك معرفة الشرك وأنواعه، فإن من لا يعرف ذلك وقع فيه كما هو مثاهد من كثير من المسلمين الذين يتقربون إلى الله بما هو شرك: كالنذر للأولياء والصالحين والحلف بهم والطواف بقبورهم وبناء المساجد عليها وغير ذلك مما هو معلوم شركه عند أهل العلم.
لذلك فلا يكفي في التعبد الاقتصار على معرفة السنة فقط بل لابد من معرفة ما يناقضها من البدع، كما لا يكفي في الإِيمان التوحيد، دون معرفة ما يناقضه من الشركيات، وإلى هذه الحقيقة أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
"مَن قال لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبد مِن دون الله، حرُم ماله ودمه وحسابه على الله". [رواه مسلم]
فلم يكتف -عليه السلام- بالتوحيد، بل ضم إليه الكفر بما سواه، وذلك يستلزم معرفة الكفر، وإلا وقع فيه وهو لا يشعر، وكذلك القول في السنة والبدعة ولا فرق، ذلك لأن الإِسلام قام على أصلين عظيمين:
١ - أن لا نعبد إلا الله.
٢ - وأن لا نعبده إلا بما شرع.
فثبت مما تقدم أن معرفة البدع أمر لابد منه، لتسلم عبادة المؤمن من البدع التي تنافي التعبد الخالص لله تعالى، فالبدع من الشر الذي يجب معرفته لا لِإتيانه، بل