ولابد من الإِشارة إلى أن النجاة من عقوبة الدنيا رغم المعاصي لا تعني رضى الله وغفرانه، كما جاء في الحديث: "إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحب فإنما هو استدراج ثمِ تلا:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}.
[سورة الأنعام، آية ٤٤] [رواه أحمد والطبراني بسند صحيح من حديث عقبة بن عامر]
وقال بعض السلف: "رُب مستدرَج بنعم الله وهو لا يعلم، ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم، ورُب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم".
وبناء على فهم السلف لهذه القواعد كان بعضهم يقول: "إني لأعصي الله فأجد ذلك في خلُق دابتي وامرأتي".
٤ - الختم على القلوب.
قال بعض السلف: "جزاء الحسنة الحسنة بعدها وجزاء السيئة السيئة بعدها".
وقولهم هذا يعد قاعدة عظيمة يجدر بكل مسلم أن يقف عندها ويتدبرها، ولا شك أن من أعظم الآثار الدنيوية المترتبة على المعاصي هي أن تتعود نفس المخطىء على اجتراحِ السيئات الواحدة تلو الأخرى حتى يصبح لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتَت في قلبه "نكتة سوداء، فإن هو نزع واستقر وتاب صُقِل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو علىِ قلبه، وهو الرّان الذي ذكره الله تعالى:
{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة المطففين، آية ١٤]
[رَواَه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي بسند حسن]
وقال عبد الله بن المبارك -رحمه الله-:
رأيت الذنوب تُميت القلوب .... وقد يورث الذُل إدمانُها
وترك الذنوب حياة القلوب ... وخَير لنفسك عصيانها
وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ ... وأحبارُ سوء ورُهبانها