للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة [غلاظ شداد]، سود الوجوه، معهم المسوح (١) [من النار]، فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة أُخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتُفرق في جسده فيتزعها كما ينتزع السُّفود [الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب]، [فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وتغلق أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه مِن قِبَلِهم]، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فلان - بأقبح أسمائه التي كان يُسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيُستفتح له، فلا يُفتَح له، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

{لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} (٢).

فيقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: اكتبوا كتابه في سجين، في الأرض السفلى، [ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أُعيدهم، ومنها أُخرجهم تارة أخرى] فتُطرَح روحه [من السماء] طرحاً [حتى تقع في جسده] ثم قرأ:

{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ، فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}. [سورة الحج ٣١]

فتعاد روحه في جسده.

[قال: فإنه ليسمع خفق نعال أصحابة إذا ولَّوا عنه].

ويأتيه ملَكان [شديدا الانتهار، فينتهرانه، ويُجلسانه]، فيقولان له: مَن ربك؟


(١) المسوح: جمع مسح، وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفاً وقهراً للبدن.
(٢) سم الخياط: ثقب الإبرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>