اتقاه. وأما وعيده في الدنيا فبالشقاء والذل والمهانة وعدم الطمأنينة وأما في الآخرة فبالأنكال والأغلال والسلاسل يُسحبون إلى النار وبئس القرار.
لهذا كان لزاماً على كل عبد مؤمن موفق أن يتقي الله ويخشاه حق خشيته فيأتمر بأمره وينتهي عن نواهيه.
ولقد كان أخوف الناس وأشدهم خشية لله تعالى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال:"والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له". (رواه مسلم)
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه شيء فخطب فقال:"عُرضت عليّ الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر. ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، قال: فما أتى على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أشدّ منه. قال: غَطوا رؤوسهم ولهم خنين".
(الخنين: صوت البكاء).
وعن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع الا وملَك واضع جبهته لله ساجداً، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وماتلذذتم بالنساء على الفُرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله" قال أبو ذر: لَوَدِدتُ أني كنتُ شجرة تُعضَد.
(رواه الترمذي وابن ماجه وعنده حسن)
وكذلك كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أشد الناس خشية لله وأخوفهم منه.
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (لو نادى مناد من السماء أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلاً واحداً لخفت، أن أكون أنا هو).
وروى عنه أنه لما طُعن قال:(لو أن لي طِلاعَ الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه).
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال:(كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال لي: ضع رأسي. قال: فوضعته على الأرض، فقال: ويلي وَوَيل أمي إن لم يرحمني ربي). (شرح السنة للبغوى ١٤/ ٣٧٣)