الله، وازهد فيما عند الناس يُحبك الناس". (حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره)
وعن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك الأُمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومِن قِلَّة نحن يومئذ؟
قال: "بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليَنزِعَن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليَقذِفَن في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت". (رواه أبو داود، وذكره الألباني في الصحيحة ٩٥٨)
٥ - الغفلة وعدم الاعتبار
لقد غرَّت الأماني أكثر خلق الله فتركوا سبيل الهدى وأعرضوا عن دار التهاني والقرار، فوقعوا في شرَكِ الردى، وظنوا أن يتركوا سدى، وغفلوا عن قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}. (القلم ٤٥)
وقوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (الحجر ٣)
وقوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}. (المؤمنون ٥٥ - ٥٦)
إن الواجب على الإنسان أن لا يغفل عن هذه الآيات البينات وأن يعتبر ويتعظ مما آل إليه حال كثير من الشعوب والبلاد.
قال تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ}. (سوره ق ٣٦)
(نقبوا: ساروا).
قال الشاعر:
ياغافلاً عمَّا خُلقت له انتبه ... جَدَّ الرحيلُ ولستَ باليقظان
سار الرفاقُ وخلَّفُوكَ مع الأوُلى ... قَنِعُوا بذا الحظِّ الخسيس الفانِ
ورأيت أكثرَ مَن تَرى مُتخلِّفاً ... فتبعتَهُم ورضيتَ بالحَرمانِ
منَّتك نفسُك باللحاق مع القعودِ ... عن المسير وراحةِ الأبدانِ
ولسوفَ تعلمُ حينَ يَنكشِفُ الغِطا ... ماذا صَنعْتَ وكُنتَ ذا أمكَانِ