شعيب، والعلو في الأرض بالفساد ميراث عن قوم فرعون، والتكبر والتجبر ميراث عن قوم هود، فالعاصي لابس ثياب بعض هذه الأمم وهم أعداء الله.
٩ - إن المعصية سبب لهوان العبد على ربه، قال الحسن البصري -رحمه الله-: هانوا عليه فعصوه، ولو عَزُّوا عليه لعصمهم، قال الله تعالى:
{وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}. (الحج ٢٨)
١٠ - إن غير المذنب من الناس والدواب يعود عليه شؤم ذنب المذنب فيحترق هو وغيره، بشؤم الذنوب والظلم.
١١ - إن العبد لا يزال يرتكب الذنب حتى يهون عليه ويصغر في قلبه وذلك علامة الهلاك. فإن الذنب كلما صغر في عين العبد عَظُم عند الله، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب ودع على أنفه فقال به هكذا، فطار". (رواه البخاري)
١٢ - إن المعصية تورث الذل، فإن العز كل العز في طاعة الله.
قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله-:
رأيت الذنوب تُميت القلوب ... وقد يوث الذُّل إدمانُها
وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها
١٣ - إن المعاصي تُفسد العقل، فإن للعقل نوراً، والمعصية تطفىء نور العقل، وإذا طُفىء نوره ضعف ونقص.
١٤ - إن الذنوب إذا تكاثرت طُبع على قلب صاحبها فكان من الغافلين، قال تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. (المطففين ١٤)
١٥ - إن الذنوب تحدث في الأرض أنواعاً من الفساد في المياه والهواء والزروع والثمار والمساكن، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. (الروم ٤١)
١٦ - إن الذنوب تذهب الحياء الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير وذهابه ذهاب الخير أجمعه، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحياء خير كله". (رواه البخاري ومسلم)