للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلَّ أن تخطر هذه ببال التائب. بل عنده: أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة. ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة، مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه. (مدارج السالكين لابن القيم ص ١/ ١٧٨)

ثالثًا: الاستغفار:

حقيقة الاستغفار: تغطية الذنب بالعفو عنه.

والاستغفار نوعان: مفرد، ومقرون بالتوبة.

فالمفرد: كقول نوح -عليه السلام- لقومه:

{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}. [نوح: ١٠، ١١]

وكقول صالح -عليه السلام- لقومه:

{لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. [النمل: ٤٦]

وكقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [البقرة: ١٩٩]

وقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. [الأنفال: ٣٣]

والمقرون: كقوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى}. [هود: ٣]

فالاستغفار المفرد كالتوبة، بل هو التوبة بعينها مع تضمنه طلب المغفرة من الله وهو محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شرّه.

والغفّار: اسم من أسماء الله تعالى، وهو الذي أظهر الجميل وستر القبيح،

والذنوب من جملة القبائح التي سترها الله بإسبال ستره عليها في الدنيا، والتجاوز عن عقوبتها في الآخرة. (المقصد الأسنى ص ٨٠)

وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على الاستغفار بقوله: "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، إلا غُفر له ما كان في مجلسه ذلك". (رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه)

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

<<  <  ج: ص:  >  >>