قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق [أُقدِّمُ، قبلهما أهلًا ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر [أبعدتُ] يومًا فلم أرِحْ [فلم أرجع] عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما [حصتَهما] فوجدتهما نائمَين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق فبلهما أهلًا أَو مالاً؛ فلبثت -والقدح على يدي- أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، والصبية يتضاغون عند قدمي [يصيحون] فاستيقظا فشربا غبوقهما [شربا حصتهما من اللبن].
اللهم إن كنتُ فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه مِن هذه الصخرة، "فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منها".
وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحَب الناس إليَّ، فأرَدْتها على نفسها فامتنعَت مني، حتى ألمتْ بها سنة مِن السنين [أصابها جوع] فجاءتني، فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تُخلي بيني وبين نفسها، ففعلَتْ، حتى إذا قدرت عليها، قالت:
إتقِ الله ولا تُفض الخاتم إلا بحقه.
[لا تقرَبني إلا بنكاح شرعي]، فتحَرَّجْتُ من الوقوع عليها، فانصرفتُ عنها وهي أحب الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها!!
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه.
"فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها".
وقال الثالث: اللهم استأجرت أُجراء، وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمَّرْت [كثَّرْتُ] أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أدِّ إليَّ أجري، فقلت: كل ما ترى مِن أجرك، من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال يا عبد الله لا تستهزىء بي فقلت: إني لا أستهزىء بك، فأخذه كله فاستاقه ولم يترك منه شيئا!!
اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه.
(فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون). "القصة في البخاري ومسلم"
وبعض المسلمين -هداهم الله- تركوا التوسل بالأعمال الصالحة، ولجأوا إلى الأموات يتوسلون بهم، أو بأعمال الموتى، مخالفين بذلك هدي