ويقال إن ابن أبي عامر لم يهنى عليه ما بلغ منه، ولكنه استحيى قاضيه ابن زرب، ولم يمكنه من الحمية، واستأذن للحج فأذن له فرحل وقضى فرضه. واجتمع في طريقه هذا بجماعة من علماء الأمصار، فاعترفوا بفضله. وذكر في كتابه وجرت له معهم أثناء ذلك قصص من هنياته. فيحكي أنه سأل أبا محمد ابن أبي زيد رحمه الله، بالقيروان يوماً عن صلاة الناس بصلاة الإمام على قعيقعان وأبي قبيس، فأجابه بالجواب المنصوص في المسألة، أنه لا يجوز، فسأله من قال هذا، أو كيف قال؟ فاحتج له بنص المسألة في المدونة وكررها. فقال له: إنما وقعت مسألة المدونة، إذا صلى المأموم هنالك بصلاة الإمام في الحرم. ولم أسألك عن هذا، وإنما سألتك عن مسألة إذا كان الإمام والمأموم جميعاً هنالك، وهذا ما لا يخالف فيه أحد ولا يمنعه. ففطن الشيخ لما أراد من تعنيته، وأضرب عن كلامه في المسألة، إذ لم يظن هذا. وإنما أجابه عن المسألة المعروفة. ثم انصرف الى الأندلس. وقد مات ابن زرب، وقد كملت خصاله، ونقصت شكاسة خلقه، وكبر منه، واعتدلت حاله، فلاطف ابن أبي