للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه القول الثاني: أن لفظة "المشي" [مفهومة مشهورة] (١) في عرف الاستعمال، إذ العادة الجارية والسنة المطردة أن من حلف بالمشي إلى مكة، أنه قصد إتيانها، لإحدى العبادتين: إما حجة وإما عمرة.

وما عدا هذا من سائر الألفاظ بخلاف ذلك حتى ينوي، وذلك من باب التخصيص بالعبادة.

والجواب عن [الفصل] (٢) الثاني: في معرفة ما يلزم المشي إليه من المواضع، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تشد المطي إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس، أو إيليا شك من الراوي" (٣).

ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لا تُستعمل المطى" (٤) أي: لا [يتكلف] (٥) السفر، لأن المطايا لا تُستعمل إلا للأسفار البعيدة التي يحتاج فيها إلى استعداد المراكب والأزواد، وسواءٌ كانت معهُ راحلة أم لا.

فإذا نذر المشي إلى غير هذه المساجد الثلاثة، فلا يجوز له الوفاء به، لأن ذلك نذر معصية، ويؤمر أن يعكسه في طاعة، إلا أن ينذر المشي إلى ساحل من [السواحل] (٦)، فإنه يؤمر بالوفاء، وإن كان من أهل مكة والمدينة أفضل [لكون] (٧) السواحل فيها [الحرس] (٨) على المسلمين وسدِّ


(١) في ب: معروفة.
(٢) في أ: الوجه.
(٣) أخرجه البخاري (١١٨٩) ومسلم (٨٢٧) بلفظ: "لا تشد الرحال" وأخرجه أحمد (١١٩٠١) والبخاري في "التاريخ الكبير" (٣/ ٢١٠) وعبد بن حميد في "المسند" (٩٥١) والطبراني في "الكبير" (٢١٦١) ومسند الشاميين (١٥٣٨) من طرق بلفظ: "لا تشد المطى".
(٤) لم أفف عليه بهذا اللفظ.
(٥) في ب: يكلف.
(٦) في ب: سواحل الكر.
(٧) في أ: لكن.
(٨) في ب: الحرص.

<<  <  ج: ص:  >  >>