للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر، فلا يخلو من أن يكون قد صادف ذلك كما حلف أو جاء على خلاف يمينه:

فإن صادف ذلك كما حلف عليه: بر في يمينه، واختلف في الإثم، هل يلزمه أم لا؟ على قولين متأولين على "المدونة":

أحدهما: أنه لا إثم عليه، وقد خاطر وسلم، وهو قول ابن المواز، (١) وهو تأويل بعض المتأخرين على "المدونة".

والثاني: أنه يكون مأثومًا، لأنه تجرأ باليمين على القطع على غير يقين، وإن جرى أن يكون إثمه أخف من تعمد الكذب في الذي ذكر أنه لقيه.

فإن جاء على خلاف يمينه، مثل: أن يحلف على ظن أنه ما لقيه، ثم تبين له أنه لقيه: فإنه يكون مأثومًا، وإثمه دون إثم من تعمد الكذب، وأعظم من إثم من صادف الكذب كما حلف عليه.

وكذلك من حلف على الشك الذي هو تجويز الأمرين، من غير أن يكون أحدهما أظهر من الآخر، في جميع ما ذكرناه وأما إذا حلف على تعمد الكذب، مثل: أن يحلف أنه ما لقيه، وهو يعلم أنه لقيه: فهذه يمين الغموس، وهي أعظم من أن تكون فيها كفارة، وسميت غموسًا: لأنها تغمس صاحبها في النار، ونعوذ بالله منها.

وقد قالوا: إن الأيمان أربعة: يمينان لا تكفران، ويمينان تكفران:

فاليمينان اللتان لا تكفران: هما ما قدمناهما من لغو اليمين [ويمين الغموس] (٢).

واليمينان اللتان تكفران [وهما] ما كان في مستقبل من الأمور، ومثل:


(١) انظر: "النوادر" (٤/ ٨).
(٢) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>