ومن جعله استثناء منفصلًا، قال: لا تستعمل فيها الذكاة، ويكون معنى قوله تعالى:" {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} من غير هذه المذكورات، وهو بمعنى "لكن"، والأصح: أنه استثناء متصل، لأنه لا خلاف أن الآية في المنخنقة وأخواتها ليست على عمومها، ولو كانت على عمومها لم تؤكل.
وإن ذكيت وكانت ترجى حياتها، فإذا ترك ظاهر الآية، ولم تحمل على عمومها، فحملها على ما مات منها ولم ندرك ذكاتها أحسن.
وإلى هذا المعنى أشار بعض المتأخرين.
وأما ذكاة المريضة، فلا خلاف في المذهب أنها تستعمل فيها الذكاة، وإن آيس من حياتها إذا وجد فيها علامات الحياة، وهي علامتان: الحركة وسيلان الدم أو ما يقوم مقام الحركة من استفاضة النفس في حلقها الذي يعلم أنه لا يكون إلا مع الحياة.
فإن تحركت ولم يسل [منها](١) الدم، فإنها تؤكل عند ابن القاسم ابن كنانة، وقال محمد: "لا تؤكل إلا بسيلان الدم والحركة بعد الذبح، فإن لم يكن ذلك لم تؤكل إلا أن يكون فيها الحياة بينة كالنفس البين أو العين تطرف.
وأما الصحيحة إذا أشرفت على الموت لوجع فيها في جوفها، فبادرها بالذكاة، فسال دمها، ولم يتحرك منها شيء، فقال مالك في "النوادر": "إنها تؤكل فالحركة وسيلان الدم دليلان على الحياة في كل موضع، والحركة بانفرادها دليل على الحياة في المريضة، وسيلان الدم بانفراده دليل على الحياة في الصحيحة".
فخرج من هذا التحصيل أن سيلان الدم بانفراده: لا تؤكل به المريضة،