للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الفقير الصابر الديِّن الذي عنده من تقوى الله ما يصده عن أكل مالها ومد يده فيه بالعدوان ففعل الأب في ذلك ماض، ولا يعترض عليه فيه، وقال ابن محرز وغيره: وهذا إحالة للمسألة، إذ لا معنى لذكر الفقر، و [إنما] (١) المانع الخوف منه وعدم الأمانة، وكلام سحنون يدل على خلاف هذا.

وسبب الخلاف: الكفاءة المعتبرة، هل هي الكفاءة في الدِّين أو الكفاءة في المال والنسب؟

فمن رأى أن الكفاءة المعتبرة، "المال والنسب"، قال: الفقر عيب، وهو قول مالك في هذه المسألة، على أحد الروايات، وهو مذهب الموثقين كأبي حفص العطار وغيره، وهو ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس: "أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، انكحي أسامة ابن زيد" (٢)، فبين - صلى الله عليه وسلم -: عيب كل واحد، وجعل الفقر عيبًا، ومعلوم أن معاوية لا تخشى فاطمة من جهته، وإن كان فقيرًا، فثبت أن العلة: كونه فقيرًا لا غير.

ومن رأى أن الكفاءة المعتبرة: الدين لا المال، قال: لا كلام للأم إذا كان فقيرًا صالحًا صابرًا، تؤمن ناحيته، كما تأول على ابن القاسم في هذه المسألة، وهو نص مالك في هذا "الكتاب"، في "نكاح الموالي في العرب"، وهو قوله: وإذا رضيت ثيب بكفؤ في دينها، وهو دونها في الشرف والمال، أو رضيت بمولى ورده أب أو ولي زوجها إياه الإِمام؛ لأن نكاح الموالي في العرب لا بأس به.


(١) في أ، ب: لا.
(٢) أخرجه مسلم (١٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>