للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد احتجَّ مَن انتصر للمذهب المشهور بأنَّ حديث ابن عباس الواقع في الصحيحين، إنَّما رواهُ عنهُ مِن أصحابه طاووس، وأنَّ جملة أصحابه، رَوَوْا عنهُ لُزوم الثلاث منهم سعيد بن جُبير ومجاهد وعطاء وعَمْرو بن دينار وجماعة غيرهم.

وأنَّ حديث ابن إسحاق وَهَمٌ، وأنَّ ما رواهُ الثقة أنَّ ركانة طلق زوجة البتة، لا ثلاثًا.

وأنَّ ابن طاووس أيضًا، قد رَوَى عن أبيهِ عن ابن عباس خلافَ ذلك.

قال القاضى أبو الوليد الباجي - رضي الله عنه -: وعندى أنَّ الرواية عن ابن طاووس بذلك صحيحة، وقد رَوَى عنهُ الأئمة معمر وابن جُريج وغيرهم، وابن طاووس إمام، وأبوه طاووس إمام، والحديث الذي يشيرون إليه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى بكر وصدرًا مِن خلافة عمر - رضي الله عنهما -، إنَّما وقع فيهِ الوَهَم في التأويل، ومعنى ذلك: أَنَّهم كانوا يواقعون طلقة واحدة بدل إيقاع الناس ثلاث تطليقات.

ويدُلُ على صحة هذا التأويل أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: إنَّ الناس قد استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيهِ أناة [وأنكر عليهم في الطلاق استعجال أمر كانت لهم فيه أناة] (١) فلو كان ذلك حالُهم في أول الإِسلام أن يُطلقوا ثلاثًا وفي زمنِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قالَهُ، ولا عاب عليهم أنَّهم [قد] (٢) استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيهِ أناة.

ويدلُّ على صحة هذا التأويل ما رُوى عن ابن عباس مِن طريقٍ أنَّهُ أفتى بلزوم الطلاق الثلاث لمن أوقعها مجتمعة.


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>