والثالث: أنَّها لا تُطلَّق عليه بنفس اللفظ حتى ترفع إلى حاكم فيحكمُ عليهِ بالطلاق، لأنَّهُ أمرٌ مختلفٌ فيهِ، والحكم يرفع الاختلاف.
وهذا القول حكاهُ اللخمى في "المذهب" ولم يُسمِّ قائلَهُ، وهو قائم مِن "المُدوّنة" مِن "كتاب الأيمان بالطلاق" فيما إذا قال لامرأتهِ "إن لم أُطلقَكِ فأنت طالق" فقال في أحدُ الأقوال: أنها لا تُطلَّق عليهِ حتى ترفع أمرها إلى السلطان ويوقفه".
والقولُ بأنَّ ذلك كلَّهُ أيمان، وأنَّها لا تُطلَّق عليه إلا بوقوع الفعل، وهذا الذي اختارهُ الشيخ أبو القاسم بن محرز، وهو أسعد بظاهر "المُدوّنة" مِن هذا الكتاب ومِن آخر "كتاب النذور" ومن "كتاب أمَّهات الأولاد" في الذي حلف ليبعينَّ أمتهُ فألفاها حاملًا منهُ، حيثُ قال: "هو حانث"، وقال في مسألة "الحمامات [في كتاب النذور](١)": "لا حنثِ عليه" وما ذلك إلا لإمكان وُقوع البيع في أُم الولد على الجملة.
وسبب الخلاف: اختلافهم في الإمكان المُعتبر، هل هو الإمكانُ على الجُملة وافق الشرع أو خالفهُ، أو المُعتبر الإمكان الشرعى؟
فَمَنْ اعتبر الإمكان على الجُملة وافق الشرع أو خالفهُ قال: "هذهِ أيمانٌ كُلَّها، لا يلزم الزوج الطلاق حتى تَفعل، لأنَّها قادرة على أن تترك الأكل والشَرب حتى تموت".
وَمَنْ اعتبرَ الإمكان الشرعى قال: "هو حانثٌ في الحال، إذ لا يحلُّ لها في الشرع أنْ تقعُد بلا أكلٍ ولا شُرب حتى تموت ولا أنْ تقعُد أبدًا ولا أنْ تقف أبدًا".
ولهذا الخلاف مطلعٌ آخر وهو: هل الاعتبار بالمقاصد أو بالألفاظ؟