بيان ذلك كُلُّهُ في مسألة مُفردة إن شاء الله تعالى.
وأمَّا الوجه الثاني مِن أصل التقسيم: إذا أعتقة عن غير معين، كالسائبة التي تُعتق عن جميع المسلمين، فهل يجوز ذلك أو لا يجوز؟ فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنَّ ذلك لا يجوز ابتداءً، وهو قولُ مالك وابن القاسم في كتاب "ابن الموّاز".
والثاني: أنَّ ذلك جائز ابتداءً مِن غير كراهة، هو قول أصبغ وسحنون في "العُتبيَّة" وابن القاسم في "المُدوَّنة".
وعلى القولين جميعًا: إذا وقع ونزل، هل يكون الولاء للذى أعتق أو لجميع المُسلمين؟ فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنَّ الولاء لجميع المسلمين، وهو المشهور، وهو مذهب "المُدوَّنة".
والثاني: أنَّ الولاء لمن أعتق، وهو قول ابن نافع في "كتاب ابن حبيب".
وسبب الخلاف: اختلافهم في قولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق".
فمن حمله على ظاهرهِ، قال: الولاء للذى أعتق.
ومن نظر إلى المعنى، قال: لجميع المسلمين، ويكون [معنى](١) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق" أي: الولاء لمن حصل له الثواب لأجل العتق، فيكون الولاء تابعًا للثواب، وهذا هو المفهوم مِن اللفظ، وهو الذي سبق إلى فهم سامعهِ.