للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":

أحدهما: أنه يفتقر إلى حضوره وثبوت الدين ببينة في غيبته.

والثاني: أنه لا يفتقر إلى حضوره، ولا إلى بينة على أصل الدين بخلاف شراء الأجنبيين.

وسبب الخلاف: ذمة الكفيل، هل هي كذمة الأصيل أم لا؟ فمن رأي أن ذمة الكفيل غير مشغولة بما على الأصيل لاتحاده واستحالة قيام المتحد بالمحلين فحاكى الكفيل الأجنبي، وإن كانت الكفالة اقتضت توسيع المطالبة وتفسيخ المؤاخذة لا حقيقة المحلين قال: لابد من إحضار الأصيل عند شراء الكفيل، وثبوت الدين ببينة في غيبته.

ومن رأي أن الضمان من التضمين، أو من التضميم لذمته إلى ذمة [الأصيل] (١) قال: لا يفتقر إلى حضوره، ولا إلى قيام البينة؛ لأنه قد تقرر بين ذمة الكفيل وذمة الأصيل مضاهاة تمنع مساواته للأجنبي؛ لأنه كأنه اشتراه من نفسه لنفسه.

وعلى هذا ينبني اختلاف قول مالك في كتاب الكفالة هل الطالب على التخيير، أو على الترتيب؛ فمرة رأى أن ذمة الكفيل والأصيل واحدة فقال بتخيير الطالب.

ومرة رأى أن الكفيل كالأجنبي فقال: إن الطلب على الترتيب، ولا يتبع الكفيل إلا بعد عدم الأصيل.

وإن كان الدين من ثمن بيع ما فيه الربا مثل ألا يجوز سلم ما بيع بهذا الدين فيما صولح به: فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه سلم الشيء في مثله إلى أجل، وذلك حرام.


(١) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>