والجواب عن الوجه الثاني من القسم الأول: إذا صالحه من نوع دينه وكان الصلح لنفسه؛ مثل أن يكون دنانير والصلح بدراهم، أو كان ذلك ومشقيه، والدين هاشمية: فذلك حرام؛ لأنه صرف مستأخر.
والجواب عن الوجه الثالث من القسم الأول: إذا صالحه لنفسه من عين الدين: فإنه يجوز بالمثل في الصفة والمقدار، ويعود ذلك قضاءً، ولا يجوز بالأقل؛ لأن ذلك ربا بلا إشكال؛ لأنه دفع الأقل ليأخذ الأكثر ويدخله فيما بينه وبين الطالب "ضع وتعجل".
فإن صالح عن الأصيل من غير جنس الدين: فلا عبرة بحضوره، ثم ينظر في الصلح هل وقع بما يرجع إلى القيمة، أو بما يرجع إلى المثل.
فإن صالح عنه بما يرجع إلى القيمة فهل يجوز أم لا؟
فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: الجواز، وهو مشهور المذهب، وهو نص "المدونة" ثم يرجع عليه الكفيل بالأقل من الدين أو القيمة.
والثاني: المنع؛ لأنه مما يرجع إلى خيار الغريم، إن شاء دفع ما عليه، أو قيمة ما دفع عنه، وذلك غرر وخطر، وهذا القول تؤول على "المدونة".
وسبب الخلاف: الكفالة هل هي من باب المعروف، أو من باب المعاوضات؟
فمن رأى أنها من باب المعاوضات قال: لا يجوز لأن الكفيل ليس على بصيرة فيما يرجع به على الأصيل إذا حلَّ الأجل.
ومن قال إن ذلك جائز: يرى أن الكفالة أصل منقطع عن عقود الأغرار والأحظار، وملتحق بعقود النحلات والوصلات؛ ولذلك جوزنا بدين لا يدري كميته ولا حقيقة وصفه.