للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن طريق ابن عباس - رضي الله عنه -: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه" (١) قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله.

ومن ذلك حديث حكيم بن حزام: قلت: يا رسول الله، إني أشتري بيوعًا فما يحل لي وما يحرم؟ فقال: "يا ابن أخي إذا اشتريت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه" (٢).

وبهذه الأحاديث استدل الشافعي أن ذلك لا يجوز في كل بيع -مكيلًا كان أو جزافًا- وأما تخصيص أبي حنيفة ما لا ينقل ولا يزول؛ إذا لا يتمكن فيه القبض إذا لا يحول ولا يزول؛ ولذلك لا يضمن في الغضب.

وأما عمدة مالك - رضي الله عنه - فدليل الخطاب من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع طعامًا"، فمفهومه: أن ما عدا الطعام لا يشترط فيه القبض.

وأما تخصيص المال الربوي من الطعام دون ما عداه من الأطعمة والأشربة فهو تخصيص بعرف اللغة؛ لأن الطعام عندهم عبارة عن الحنطة، فيقاس عليه ما عداه من سائر الأطعمة الربوية.

وأما عمدة من اعتبر الكيل والوزن دون ما عداه من سائر المبيعات فمعتبر من سياق الظاهر في قوله: "حتى يكتاله"، فنبه على الكيل، فيغلب على الظن أنه مناط الحكم.

وهذا الكلام على الجملة، وأما التفصيل فنقول:

العقود تنقسم إلى قسمين: قسم يكون بمعاوضة، وقسم يكون بغير معاوضة؛ كالهبات والصدقات.


(١) تقدم.
(٢) أخرجه النسائي (٤٦٠٣) وأحمد (١٥٣٥١) وابن حبان (٤٩٨٣) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>