والثاني: أنه مخصص بما يراد للحم خاصة دون ما يراد منه للأمرين جميعًا؛ كالكسير والشارف، وهو مذهب "المدونة"، وهو الذي حكاه القاضي أبو الحسن بن القصار عن شيوخه.
والقول الثالث: أنه يجوز بيع اللحم من جنسه عمومًا، وهو ظاهر قول مالك في "كتاب ابن الموَّاز".
وسبب الخلاف: اختلافهم في النهي عن بيع اللحم بالحيوان هل هو معلل، أو غير معلل؛ فمن علله بالمزابنة وحدها فيقول: إذا تحقق التفاضل؛ كبيع شاة برطل لحم: فإنه يجوز، سواء كانت الشاة مرادة للأمرين كالصحيحة, أو مرادة للحم خاصة كالشارف والمنخنقة وأخواتها، وعلى هذا يحمل ما وقع لمالك في "الموَّازية".
ومن علل بالمزابنة مع التفاضل: فإن النهي مقصور على ما يراد للحم خاصة دون ما عداه؛ كالمعلوفة، والمكسورة، وغيرهما، وهو ظاهر "المدونة"؛ لأنها في حكم اللحم، فالتفاضل فيه حرام لأنه جنس واحد.
وقد اضطرب قول ابن القاسم فيما كان مآله اللحم على كل حال، هل حكمه حكم الحي أو حكمه حكم اللحم، فجعله مع الحي لحمًا، ومع اللحم حيًا، ومثل هذا لا يجري على سبيل التحقيق؛ لأنه قال فيمن أسلم في دجاج فأخذ فيها طيرًا من طير الماء؛ حيث قال: لا يجوز، فجعله هاهنا من الحي لحمًا.
وقال فيما يراد للحم ولا منفعة فيه غيرها: أنه لا يجوز باللحم فأعطاه حكم الحي.
ومن رأى أن الخبر غير معلل استعمل النهي فيما يراد للأمرين جميعًا،