وأما بيع اللحم باللحم: فإن اختلفت الأجناس: جاز التفاضل كذوات الريش وذوات الماء وذوات الأربع.
فإن اتفق الجنس مع التفاضل مع اتفاق الصنعة فإن اختلفت الصنعة: جاز التفاضل، ولا خلاف أن النار في اللحوم والزيوت بانفرادها ليست بصنعة إلا أن يدخلها الأبزار، بخلاف الحبوب فإن النار بمجردها صنعة تبيح التفاضل في الجنس الواحد منها.
وتحصيل ما في الكتاب أن يقول: لا يخلو اللحم من أن يكون نيِّا عريضًا، أو قديدًا، أو مشويِّا، أو مقلوِّا، أو مطبوخًا: فالمقلي والمطبوخ بالأبزار يجوز بيعه بالجميع متماثلًا ومتفاضلًا.
وفي الني الطري بالقديد عن مالك قولان أيضًا.
وفي المشوي بالقديد قولان؛ نص "المدونة" المنع متفاضلًا ومتماثلًا، ويلزم منه قول آخر بالجواز.
وسبب الخلاف: هل يدرك فيها التماثل بالتحري فيجوز البيع متماثلًا، أو لا يدرك فيكون ذلك مزابنة فيمنع من كل وجه؛ لأنه من باب الرطب باليابس.
وهذا كله إذا كان القديد والمشوي بالأبزار.
وأما إن دخلتهما الأبزار: فإن ذلك كالقلية.
وأما الربوب: فإن النار فيها ليست بصنعة تبيح التفاضل بينها وبين أصولها رب القصب الحلو برب القصب أو بالحلاوة، أو رب العنب بالعنب أو بعصيره، أو رب التمر بالتمر لاتحاد المنفعة في الأصل.