والثاني: أنه يجوز في قليل المقدور على حدسه وحرزه وتخمينه، ولا يجوز في الكثير، ولا في الحاضرة لوجود الموازين، فإن العدل عنها مع وجودها كترك النص إلى الاجتهاد.
واختلف المتأخرون في كيفية التحري في اللحم على قولين:
أحدهما: أن يريه قدرًا معلومًا فيقول له: أسلمت إليك في مثل هذا القدر من اللحم.
والثاني: أن يقول له: أسلمت إليك في قدر ما فيه عشرة أرطال من اللحم.
وهذا الثاني أسعد بظاهر "الكتاب".
وأما الوجه الثاني مما يجوز فيه التفاضل: فلا خلاف في ثبوت الجزاف فيه على الجملة، ولجوازه عندنا في المذهب خمسة شروط:
أحدها: أن يتيقن التفاضل بين الجانبين.
والثاني: أن يكون في المعدود والمكيل.
والثالث: أن يكون المبيع مما يتأتي حرزه وتخمينه.
والرابع: أن تكون في الكثرة بحيث يخفى قدره ومبلغه على التحقيق.
والخامس: ألا ينفرد أحدهما بمعرفة المقدار.
فإذا انخرم وَصْفٌ من هذه الأوصاف خرج من صورة الجواز إلى صورة المنع.
وقولنا: أن يتبين الفصل بين الجانبين احترازًا من الجهل بالتماثل أو التفاضل؛ لأنه إذا جهل أحد الوصفين حرمت المجازفة حينئذ؛ لأن ذلك مخاطرة ومزابنة وإن كان ترابًا.