وقولنا: وأن يكون في الكيل والموزون الذي لا يتعين آحاده وأعداده في التسميات والمعدود الذي الغرض منه مبلغه ومنتهاه احترازًا من الدنانير والدراهم والفلوس.
وأما الفلوس: فسنعقد فيها مسألة مفردة إن شاء الله بعد تمام هذه المسألة.
وأما الدنانير والدراهم: فقد اختلف المتأخرون في منع جريان الجزاف فيها على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المنع في جريان الجزاف على الكراهة، لا على التحريم، وإليه ذهب القاضي أبو الحسن بن القطان.
والثاني: أن ذلك على التحريم؛ حيث يجري عددًا مجرى الموازنة حتى رغب الناس فيها لخفتها ولخفائها لأنه يدخل في المائة بالوزن منها مائة وعشرون عددًا، وهي مع ذلك تنفق مفردة، فإذا بيعت جزافًا دخلها الغرر من وجهين:
أحدهما: من جهة المبلغ في الوزن.
والثاني: من جهة المبلغ في العدد.
فتكاثر الغرر، وتكاثف الخطر، ولا جرم حرم.
وأما سائر المكيلات والموزونات: فالغرر فيه من جهة الكيل والوزن لا غير، وذلك يدرك بالحرز، وأشار إلى جريان الجزاف بحيث لا يجري إلا وزنًا، وإلى هذا ذهب القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب.
والثاني: أن العلة في ذلك كون العين لا تتيقن عند العقد، وأن العقد على الدنانير والدراهم إنما يتناول في الذمة، ولا مجال للجزاف فيما ثبت بالذمة؛ إذا لا يثبت فيه المقدار، ومتى ما قلنا أن النقود تتعين إذا عينت فلا