فإن اختلفا في الجنس والصفة: فلا يخلو من أن تتفق آجالهما أو تختلف.
فإن اتفقت الآجال: جازت المقاصة عند الحلول، قولًا واحدًا، وقبل الحلول: قولان:
أحدهما: الجواز، وهو قول ابن القاسم في "المدونة".
والثاني: أنها لا تجوز المقاصة، وهذا القول قائم من "المدونة".
وسبب الخلاف: ما تقدم في صدر هذه المسألة من براءة الذمم.
فإن اختلفت الآجال: فلا تجوز المقاصة قبل حلولها، وتجوز بعد حلولها.
وفي حلول أحدهما قولان:
أحدهما: جواز المقاصة، وهو قوله في المدونة.
والثاني: أن المقاصة لا تجوز إلا بحلولهما جميعًا، وهو قوله في "الموَّازية".
فانظر كيف منع المقاصة إذا اختلف الأجلان، واختلف الغرضان؛ لاجتماع علتين.
وفقه هذا الباب أن يقال: إن قَدَّرْنَا أن التناجز يحصل بالتقاصص في الحالة الراهنة حتى يكون تراضيهما عليه قاطعًا لحكم الأجل؛ إذ ليس لواحد منهما تباعة على صاحبه، فلا شبهة في الإجزاء في هذه الفصول كلها.
فإن لم يقدر ذلك، وأن التراخي الآنف غير قاطع للتأجيل السالف: لم يجز ذلك جملة بلا تفصيل؛ لكون ذلك دينًا بدين؛ لكون كل واحد منهما أحال صاحبه على حقه يستوفيه لنفسه من نفسه إذا حلَّ الأجل، غير