أحدهما: أن حوالة الأسواق ليست بفوت -لا مع بقاء عينة ولا مع ذهابه- وأنه لا يفيته وجه من وجوه الفوت؛ لأن مثله يقوم مقامه، وهو مذهب المدونة، وهو المشهور في النقل.
والثاني: أن حوالة الأسواق فيه فوت، وهو قول ابن وهب وغيره من الأصحاب، وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق التونسي وغيره من حذاق المتأخرين، وهو الأظهر في النظر؛ لأن وجود المثل كقيام العين في الفوت؛ لأن العلة التي علل بها مالك -رحمه الله- في وجوب الضمان بحوالة الأسواق وهو موجود في المكيل والموزون؛ وذلك أن الضرر يدخل على أحدهما في المكيل والموزون، كما يدخل عليه في العروض، وذلك الضرر هو الزيادة في القيمة أو النقصان منها والعلة شاملة للجميع.
وأما إن باعها قبل الرد بيعًا صحيحًا، فهل يكون فوتًا؟
فلا يخلو من أن يبيع بعد العلم بفساد البيع، أو قبل أن يعلم.
فإن باع بعد العلم بالفساد: فلا يفيد ذلك البيع الفاسد باتفاق المذهب، ويؤخذ من المدونة من مسألة السيف المحلَّى في "كتاب الصرف".
فإن باعها ولم يعلم بفساد البيع: فالبيع يكون فواتًا ما لم يشترها بعد بيعه إياها وهي قائمة ما لم تفت، ولا تغيرت عن حالها.
فإن تغيرت: فالقيمة قد وجبت ببيعه.
فإن لم تتغير فهل ترد السلعة ويفسخ البيع الأول، أو يكون بيعه إياها فوتًا؟