أحدهما: أن البيع الأول مفسوخ، والبيع الثاني كأنه لم يكن، وكأنها لم تخرج من ملكه منذ اشتراها، وهو قول ابن القاسم في "المدونة".
والثاني: أن القيمة قد وجبت بعد البيع الثاني، ويكون فواتًا, ولا ينظر إلى ما حدث بعد ذلك من الشراء، وهو قول أشهب في "المدونة".
ويلزم ابن القاسم أن يقول مثل قول أشهب من مسألة الهبة، وقد قال في "كتاب الهبات": إذا وهبها على ثواب، ثم باعها الموهوب له، ثم اشتراها فأراد ردها على الواهب، وهي قائمة لم تفت:
فقال ابن القاسم: تلزمه قيمة الهبة، ولا رد له وإن عادت إلى ملكه على صفاتها.
ويلزم من ظاهر قوله في حوالة الأسواق أيضًا إذا عادت إلى مثل سوقها الأول قبل أن يحكم عليه بالقيمة أن يردها، كما قال في البيع؛ إذ لا فرق بينهما في المعنى.
فيتخرج من المدونة في البيع قولان، وفي حوالة الأسواق قولان، وفي الهبة قولان، غير أن قوله في مسألة الهبة أظهر؛ فإن المعتبر في الهبة هي ما يعد منه رضا بالثواب، فإذا صرح به، أو فعل في الهبة فعلًا يعمل على الرضا بالقبول: لزمه العوض، بخلاف البيع الفاسد الذي هو حق لله تعالى، ولا يتوقف فيه الفسخ على رضا المتبايعين.
وأما حوالة الأسواق: فذلك فيها لازم، وقد خرق، بعض المتأخرين بينها وبين مسألة البيع بفرق لا يبدئ ولا يعيد، وقال: الفرق بينهما أن السلعة في البيع الثاني قد عادت إلى الملك الأول فكأنها لم تخرج منه،