فإن كان ذلك بتفريط؛ مثل أن يطلقوها بالليل ترعى، وأهملوا أمرها، ولم يحتفظوا على صيانتها: منهم ضامنون لما أفسدت، ولا خلاف في ذلك.
وإن حبسوها وقيدوها وصانوها، ثم انفلتت وأفسدت: فلا ضمان عليهم؛ لأنهم فعلوا غاية المقدور، وذلك خيار ساقط عن درجة الاعتبار.
وعلى الوجه الذي يكون فيه الضمان فيما أفسدت، ما الذي يُضمن؟
فذلك يختلف باختلاف ما أفسدت؛ فإن أفسدت زرعًا أو عدا فدلواه الجرين، فعلى أربابها غرم الملكية إن عرفت، أو القيمة إن جهلت.
فإن أفسدت ذلك قائمًا، أو أفسدت بقلًا، أو قرطًا، أو قصبًا.
فأما البقول والقرط والقصب: فإنه ينظر، فإن بلغ أن يزرع فهو كالزرع، والثمر على سواء، فها أنا أتكلم على الحكم فيهما إن شاء الله تعالى.
إذا وقع الفساد قبل الإدراك: فإنهما يقومان على الرَّجاء والخوف، يقال: ما يساوي هذا الزرع وهو أخضر لو جاز بيعه على أن يشتري على هذه الصفة، ويسلمه الله تعالى من الآفات والعاهات حتى يحصد، أو يحذ إن كان تمرًا، أو يقطع إن كان عنبًا، ويحصل فيه للمشتري مقصوده ومطلوبه، وتطرأ عليه الآفة والعاهة فيذهب به ويذهب المشتري مجانًا لا ثمنًا ولا مثمونًا، فما قيل إنه بسواه ويشتري على هذه الصفة فذلك الذي يغرمه أرباب المواشي، أو من باشر تلف ذلك بنفسه من بني آدم، ثم ما خرج بعد التقويم والغرم من ذلك الزرع أو الثمر فهو لصاحب الزرع أو الكرم، لصاحب الماشية ولا للجاني عليه.