للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناقة البراء بن عازب أن ما أفسدت المواشي بالليل: فعلى أربابها، وما أفسدت بالنهار: فلا شيء عليهم (١).

إلا أن هذه القضية لا تحمل على ظاهرها, ولابد من تقييد إطلاقها وتخصيص عمومها ولا شك أن حذاق متأخري مذهب مالك خصصوا هذا العموم بالقياس، وتأولوه تأويلًا يعود بالمصلحة على عامة الناس، وقالوا: معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما أفسدت بالنهار فلا شيء على أربابها: إنما ذلك إذا [شيعها] (٢) أهلها حتى وصلت إلى الصحراء، وأخرجوها من بين البساتين والمزارع فتركوها حتى يغلب على الظن أنها لا تصل إلى الفساد، فهذا الذي أراد - صلى الله عليه وسلم - بإسقاط الضمان عن أصحابها إن هي هامت على وجهها حتى وقعت في حائط أو زرع.

وأما إذا تركوها ترعى بين الأجنة أو قربها بغير راعٍ، وانقلبوا إلى بيوتهم: فلا شك أن أصحابها ضامنون ما أفسدت بلا شك ولا إشكال.

فإن كان معها رعاة فهم ضامنون، سواء رعوا بأجر أو بغير أجر.

وإن كان الراعي عبدًا مملوكًا، أو صبيًا صغيرًا: فذلك منهما جناية، ويخير سيد العبد بين أن يفديه أو يسلمه.

والصبي غير البالغ يكون ذلك في ذمة من استرعاه، أو في ماله هو وإن كان هو المخترع لذلك من [غير] (٣) أن يلقنه أحد.

وأما ما أفسدته بالليل: فلا يخلو من أن يكون ذلك بتفريط وتضييع من


(١) أخرجه مالك (١٤٣٥) وابن ماجه (٢٣٣٢) وأحمد (٢٣٧٤١) والدارقطني (٣/ ١٥٦) والبيهقي في "الكبرى" (١٧٠٦٦)، من طرق، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
(٢) في أ: شيعوها.
(٣) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>