فما هو متفق على تحريم بيعه فمتفق على منع استعماله.
وما هو مختلف في جواز بيعه فلا يخلو من وجهين:
أحدهما: ما تدعو الضرورة إليه في استعماله، ومست الحاجة إلى تناوله.
والثاني: ما لا تدعو الضرورة إليه، ولا الحاجة إليه مما تعم به البلوى.
فالجواب عن الوجه الأول: وهو ما دعت الحاجة إلى استعماله؛ كالزبل والرجيع، تصلح به البساتين، والمحاقل، والمزارع، كما هو عادة أهل أفريقية -على ما شاهدناه. وأهل البصرة -على ما سمعناه- هل يجوز بيعه على هذه الصفة أم لا؟
فالمذهب على ثلاثة أقوال، كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: الجواز في الجميع، وهو ظاهر قول ابن القاسم في "الكتاب"؛ حيث قال: وكره مالك بيع العشرة ليزبل بها الزرع وغيره، فقيل لابن القاسم: وما قول مالك في زبل الدواب؟ قال: لم أسمع منه فيه شيئًا إلا أنه عنده بخس، وإنما كره العذرة لأنها عنده بخس، وكذلك الزبل أيضًا، ولا أرى أنا في بيعه بأسًا.
وقال أشهب: المبتاع في زبل الدواب أعذر من البائع.
فقال ابن القاسم: الزبل على العذرة بنجاسة الجميع، وسياق قوله ثم أجاز بيع الزبل: دليل على جواز بيعه العذرة عنده.
والقول الثاني: المنع عنه في الجميع، وهو ظاهر قول مالك في