"الكتاب" على ما ذكرناه من قول مالك، وابن القاسم وقياسه.
والقول الثالث: بالتفصيل بين الزبل والرجيع؛ فيجوز في الزبل، ولا يجوز في الرجيع، وهو قول أشهب في "المدونة"؛ حيث قال: وأما الزبل: فالمبتاع فيه أعذر من البائع، ثم قال: وأما الرجيع: فلا خير فيه.
وسبب الخلاف: تخصيص العموم بالعادة والحاجة هل يجوز، أو لا يجوز؟ وهو مما اختلف فيه الأصوليون، واختلافهم في أكل ما نبت من هذه الأزبال والعذرة مبني على اختلافهم في جواز بيعها واستعمالها؛ فمن جوز الاستعمال جوز الأكل، ومن منع: منع.
والجواب عن الوجه الثاني: وهو ما لا تدعو الضرورة إلى استعماله؛ كجلد الميتة وعظمها:
فأما جلدها: فلا يخلو من أن يستعمل قبل الدباغ، أو بعده.
فأما استعماله قبل الدباغ: فلا خلاف في المذهب أنه لا يستعمل في المائعات، واختلف هل يستعمل في اليابسات أم لا على قولين:
أحدهما: أنه لا يستعمل أصلًا.
والثاني: أنه يستعمل فيها، وأنه يجوز أن يستعمل من الغربال وغيره مما لا رطوبة فيه، وهو ظاهر قول مالك في "كتاب الغصب"؛ حيث جعل على من غصبه واستهلكه قيمته، ووجوب القيمة على غاصبه دليل أن فيه بعض المنافع؛ إذ لا خلاف في المذهب أن من أتلف لرجل ما لا منفعة فيه أصلًا أنه لا ضمان عليه، ويؤخذ من "كتاب القطع في السرقة" أنه لا ينتفع به، وألَّا شيء على من غصبه؛ لأنه قال فيمن سرق جلد ميتة بعد الدباغ أنه يقطع إن شاؤوا ما فيه من الدباغ ثلاثة دراهم.
وأما استعماله بعد الدباغ: فلا خلاف في المذهب أنه يستعمل في