ومن رأي أنها نجاسة مجاورة قال: يطهره الغسل. وهكذا الخلاف في الزيت النجس هل يطهرها الغسل أم لا؟
وأما استعمالها فيما لا يلاقيها، وبينهما حائل؛ مثل أن يطبخ عليها قدرًا، أو يسخن عليها الماء للعجين أو للوضوء: فإن غطى القدر، وأمن من انعكاس الدخان فيها: فالماء طاهر، والطعام كذلك يؤكل.
فإن كان القدر مكشوفًا: فالماء والطعام نجسان، ولا يؤكل الطعام؛ لأن أجزاء الميتة ودهنية الطعام تصعدان مع الدخان، وينعكسان في القدر فيداخلان ما فيه من الطعام والماء.
وأما ما يقطر من عرق الحمامات التي يوقد تحتها بالنجاسات: فلا يخلو من يدخلها من أن يكون ممن يتحفظ من البول والنجاسات فيها أم لا.
فإن كان ممن يتحفظ من البول والنجاسات فيها: فأصابها ما يقطر من سقوفها طاهر، ولا بأس للنجاسة التي هي وقود للحمام، وخروج الأدخنة خارجًا, ولا مدخل لها في الحمام ولا منفذ.
وأما من كان داخلها لا يتحفظ من النجاسات فيه، كما هو معهود من أكثر عوام المسلمين، وعامة المشركين من اليهود والنصارى -لأن عادة أكثر البلاد مشاركتهم إياهم في الحمامات فما احتاض هذه الحمامات نجس والعرق الذي يقطر منها نجس؛ لأن مدار الحمام وبخار الأوساخ تصعد إلى ماء الحمام فينعقد عرقًا، وذلك العرق نجس كدخان النجاسة وبخارها وعلى هذا تحمل أكثر الحمامات.