والثاني: أن ذلك بخس، وأنها لا تستعمل أصلًا وإن غسل، وهو قول ابن القاسم، وهو ظاهر "المدونة" في مسألة الطعام؛ لأن دهنية الطعام داخلت أجزائها أجزاء الفخار مداخلة لا تطهر بالغسل.
والقول الثالث: بالتفصيل بين أن تغسل بعد الطبخ أم لا؟
فإن غسلت: جاز استعمالها، وكانت طاهرة، وغسلها بالماء الحار أن يغلي الماء فيها، وإن لم تغسل فهي نجسة، وهو قول ابن القاسم، وابن شبلون، وهو ظاهر قول مالك في غير ما موضع: بدليل أن ما أصابته النجاسة من الثوب والبدن والآنية وسائر الأشياء أنها تغسل وتكون طاهرة؛ لأن النجاسة لاقت جسمًا طاهرًا فوجب أن يطهره الغسل كسائر الأجسام، وهذا القول أقرب إلى الصواب على سبيل الاحتياط، وهو قول مالك - رحمه الله - في قدور المجوس التي تطبخ فيها الميتة ولحم الخنزير أنها تغسل بغلي الماء فيها، وتكون طاهرة.
والقول الرابع: التفصيل بين الفخار الني، واليابس؛ فالفخار الني؛ كالخبز واللحم: فهو نجس.
واليابس طاهر، يستعمل، ولا يحتاج إلى غسل.
وهو قول أبي عمران الفاسي، وهذا القول أيضًا ظاهر "المدونة" من مسألة الخبز واللحم.
وسبب الخلاف بين القولين المتقابلين: مداخلة الدهنية لأجزاء الطوب والفخار، هل يطهره مداخلة أجزاء النار وممازجتها لأجزاء الفخار والطوب أم لا؟
وسبب الخلاف بين القولين المفصلين: اختلافهم في نجاسة هذه الأجسام هل هي نجاسة عينية، أو نجاسة مجاورة؛ فمن رأى أنها نجاسة عينية قال: لا