دون حائل فلا يخلو ما طبخ عليه من أن يكون مما له رطوبة؛ كخبز طبخ عليها، أو لحم سوى عليها في حال إيقادها: فإن ذلك لا يؤكل باتفاق؛ لأن الدهنية لابد لها من أن تخرج من الطعام عند احتراقها، والخبر واللحم موضوع عليها، وأجزاء الدهنية داخلتها ومازجتها من كل يد: فذلك حرام لا شك فيه.
فإن طبخ على جمرها بعد سكون لهيبها، وانطفاء تأججها فهل تحل لكل ما طبخ عليها؟.
فالمذهب على قولين: الجواز، والمنع.
وينبني الخلاف: على الخلاف في الأعيان المنقلبة، هل ينقلب الحكم بانقلابها أم لا.
فإن طبخ عليها ما لا رطوبة له، أو له رطوبة إلا أن النار تنضجه وتداخله ظاهرًا وباطنًا؛ كالفخار والجير والطوب: فقد اختلف المذهب على أربعة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أن ذلك طاهر، ويستعمل في جميع أنواع الطهارات جملة بلا تفصيل، وهو ظاهر قوله في "كتاب البيوع الفاسدة"؛ حيث قال: ولو طبخ عليها الخبز والطوب؛ فظاهر قوله: طهارة الخبز والطوب المطبوخ على تلك العظام، وأنه يستعمل في بناء المساجد وتجصيصها.
ويؤخذ من هذا القول أيضًا: حوز عظام الميتة وتملكها؛ لأنه لا يمكنه أن يطبخ بها الطوب والخبز إلا بعد أن يؤلفها ويجمعها، وذلك ينتج ملكها والانتفاع بها.
ومثله قول مالك في "كتاب الوضوء" في العسل النجس حيث جوز أن يعلفها النحل.