فإن كانوا في بلاد العدو فلا يخلو من أن يكون الأسارى عددهم كثير أو يسير.
فإن كان عددهم كثير فالمذهب على قولين:
أحدهما: الجواز، وهو مذهب سحنون، وهو الأظهر في النظر.
والثاني: أن ذلك لا يجوز لما في ذلك من إعانة المشركين وقوة لمددهم وعددهم أو هو قول ابن حبيب.
فإن كان عددهم يسيرا فلا خلاف في الجواز.
فإن قدموا منهم بأمان للفداء أو أبوا أن يفدوا منهم إلا بما ذكرنا فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنهم يجبرون على أن يفديهم منهم ولا يتركوا أن يرجعوا بهم إلى بلادهم وهو قول ابن حبيب في "الواضحة".
والثاني: أنهم لا يجبرون على ذلك ولهم الرجوع بهم إلى بلادهم وهو أحد قولي ابن القاسم في "العتبية"، فيمن أسلم من عبيدهم إذا دخلوا إلينا بأمان أنهم لا يجبرون على بيعهم.
فإن طلبوا إلينا ما لا يجوز لنا تملكه مثل الخمر وغيره فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن ذلك جائز وهو قول أشهب في "العتبية" لأن ذلك طاعة لا تنال إلا بمعصية وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب أن كل طاعة لا تنال إلا بارتكاب معصية فهي ساقطة -كانت فرضًا أو نفلا.
والثاني: أن ذلك جائز لأنها ضرورة وهو قول سحنون وابن القاسم، وروى عنه أن ذلك أخف من الخيل والسلاح يريد على المسلمين من الضرر