للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في فدائهم بالخيل والسلاح.

وأحسب أني قد رأيت لبعض المتأخرين أن ذلك جائز، ويؤخذ الخمر من أهل الذمة بقيمته.

فإن صح ذلك يكون تفسيرًا لما قاله ابن القاسم وسحنون - رضي الله عنهما - إذ لا يصح إلا كذا, ولا يجوز عصر الخمر ولا تملكه بإجماع.

وأما من يجوز أن يبيعه منهم ممن دان بغير دين الإِسلام من سائر أجناس الكفار وأنواعهم من كتابي ومجوسي، ففي أهل الكتاب قولان:

أحدهما: أنه لا يباع بعضهم من بعض أصلًا -يهودي من نصراني، أو نصراني من يهودي- للعداوة التي بينهم -صغيرًا أو كبيرًا- وبه قال ابن وهب وسحنون وهو ظاهر "المدونة" عند بعضهم.

والثاني: أنه يجوز أن يباع بعضهم من بعض ومن غيرهم جملة بلا تفصيل.

والثالث: التفصيل بين الصغار والكبار، فالكبار يجوز بيعهم إذ لا يجبرون على دين الإِسلام إذا ملكوا قولًا واحدًا. والصغار لا يجوز بيعهم من كافر جملة لأنهم إذا ملكوا جبروا على الإِسلام، وهو قول مالك في "المدونة" في "كتاب التجارة إلى أرض الحرب".

وقد اختلف أصحابنا المتأخرون في تأويل ذلك فمنهم من قال: معنى ذلك يرجع إلى ما قال ابن وهب وسحنون.

ومنهم من قال: معنى ذلك في الصغار الذين لا آباء لهم فيكونون على دينهم، وهؤلاء إذا لم يكن معهم أباؤهم على دين من اشتراهم؛ فإذا اشتراهم مسلم فلا ينبغي له أن يبيعهم من كافر كائنًا من كان، وهذا هو الأصح والأظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>