أحدهما: أنهم لا يمنعون وهو قوله في "المدونة" وغيرها، وقد قال في "الموازية": ومما يعيبه من مضار ويرونه ظلمًا تمنع التجارة إذا لم تكن مضرة بالناس ولا بأسواقهم.
والثاني: أنهم يمنعون مع عموم الأزمان، وقد قال مطرف وابن الماجشون: لا يكون احتكار الطعام في وقت من الأوقات إلا مضرًا بالناس.
فإن كان لا يضرهم فإنهم لا يمنعون قولًا واحدًا ولا فرق في جميع ما ذكرناه في الطعام والعروض فيما يخزن في البلد الذي اشترى منه أو يجلب إلى غيرها من البلدان ولا بين البوادي والقرى لشمول العلة وعمومها.
والجواب عن السؤال الثاني: في التربص في الطعام وغيره رجاء الغلاء ولا يخلو التربص من أن يكون مشتريًا أو جالبًا أو زارعًا.
فإن كان مشتريًا فإنه يجوز مع الكراهة، وإن كان زارعًا أو جالبًا فإنه يجوز بلا كراهة.
وقد سئل مالك -رحمه الله- عن ذلك فقال: ما علمت فيه نهيًا ولا أعلم فيه بأسًا يحبس إذا شاء ويبيع إذا شاء ويخرجه إلى بلد آخر، وقال: ما من أحد يبتاع طعامًا أو غيره إلا ويحب غلاءه ولا أحب ذلك.
والجواب عن السؤال الثالث: في الحكم فيما بأيدي الناس من الطعام في زمن الشدة والغلاء هل يباع عليهم أو يؤمروا ببيعه.
فأما ما ليس فيه فضل عن قوتهم وقوت عيالهم فلا يتعرض لهم في ذلك قولًا واحدًا.
وأما ما فيه فضل عن ذلك فإن الإمام يأمرهم بإخراج ما عندهم من الفضل للبيع بالسعر الواقع وهو قول مالك في "الموازية".