ويستحب للمشتري أن يشهد على إخراج الثمن من ذمته إلى أمانته، ويقبل قوله فيما يدعيه من تلف أو خسران.
فإن لم يشهد على إخراجه، فلا تخلو ملابسته للتجارة من أن تكون مما يظهر أنه يتجر للبائع أو يشكل أمره.
فإن كان مما يظهر أنه للبائع يتجر؛ مثل أن يكون قد سمى له نصفًا لا يتعداه في المتجر أو كان قبل ذلك لا يشتغل بالتجارة، فعند معاملته للبائع اشتغل بها، وحبس في دكان يبيع ويشتري، ويكلف الأسفار، وشد الرحال إلى الأقطار مما لم تكن عادة، فإن ذلك يقوم مقام الإشهاد قولًا واحدًا.
فإن ادعى وديعة قبل قوله، وإن أتي بربح أخذ منه.
فإن أشكل أمره وجهل حاله، ولا يدري هل لنفسه يتجر أو للبائع، فهل يقبل قوله إن ادعى الضياع أم لا؟
فلا يخلو من أن يدعيه قبل الاشتغال أو بعده.
فإن ادعى ضياع المال قبل أن يشغله في البيع والشراء فلا يصدق، وإن ادعى ضياعه بعد الاشتغال صدق، ويؤخذ منه الربح إن جاء به، وهو قول ابن القاسم في "العتبية" فيمن أمر غريمه أن يشتري له بما له عليه من الدين سلعة، فقال المشتري: قد اشتريتها وضاعت إن القول قوله، يريد: لأنه مؤتمن على الشراء، فكان القول قوله أنه فعل ما اؤتمن عليه، وهو في مسألتنا أبين؛ لأنهما لو شاءا أن يعقدا البيع على ما أتي به الآن من الثمن وربحه جاز، بخلاف الدين يتقرر في الذمة على أن يتجر فيه، ثم يتجر فيه بعد ذلك، فذلك يتهم فيه إلى أن يقصد فيه إلى سلف