للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن ذلك جائز، وهي رواية أشهب عن مالك في "العتبية"، وهذا القول قائم من المدونة.

وعند ذكر منشأ الخلاف يتبين لك الاستقراء.

وسبب الخلاف: اختلافهم في بيع الزرع بعد حصاده وقبل دراسه، هل يجوز أم لا؟ فمن رأى أن ذلك لا يجوز قال: لا تجوز به الإجارة؛ لأنه استأجره بما يخرج من حبه، وذلك مجهول قدره؛ لأن بيعه على تلك الحالة غرر وخطر لكون الزرع أغمار لا يقدر على حرزه لتغيب بعضه بعض، وهذا هو المشهور الذي عليه الجمهور، ومن رأى أن ذلك جائز، وأن بيعه أغمار أو حالًا لا غرر فيه، وأن ذلك يدرك حرزه بالتحري كما يدرك وهو قائم، وهو محل الاتفاق قال: بجواز الإجارة بذلك.

والقول بجواز بيعه بعد حصاده قائم من المدونة من أول "كتاب الجعل والإجارة" حيث قال مالك: لو أن رجلًا باع حنطة في سنبلها على أن يدرسها، ويدريها كل قفيز بدرهم أن ذلك جائز، فلم يذكر الحصاد، وظاهره أنه مخصور: فقال بعض المحققين: فيه دليل على جواز بيع الزرع المحصود حزمًا.

ويؤخذ له من آخر الكتاب المذكور: حين يحصده وجب له نصفه، وهي رواية ابن نافع، وأشهب عن مالك.

وأما قوله: "انقض زيتوني هذا، فما نقضت من شيء فلك نصفه"، فإن ذلك لا يجوز، ولا أعرف في المذهب فيها نص خلاف إلا شيئًا وقع في "النوادر" نقله الشيخ أبو محمَّد عن مطرف، وابن الماجشون في الذي قال لرجل: انقض زيتوني هذا -أو قال القطه- ولك نصفه فجائز، وكذلك إن قال: فما لقطت أو نقضت فلك نصفه، وقال: وأجازه ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>