والجواب عن القسم الثاني: إذا قال: فما حصدت أو لقطت فلك نصفه، هل يجوز ذلك أم لا؟ ففي الكتاب قولان:
أحدهما: الجواز، وهو قول ابن القاسم.
والثاني: أن ذلك لا يجوز، وهو قول غيره.
ووجه قول ابن القاسم: أن الأجير عالم بما ينفع من الزرع؛ لأنه كلما أراد أن يقطع عرجونًا أو يحصد موضعًا، فإذا وضع يده عليه فيحده علمه حينئذ قبل أن يجذه وجذه على علم أن له نصفه.
ووجه قول الغير: أن ذلك غرر وخطر لا يدري قدر ما يجذ، ولا ما حصد، ولا ما يلقط، ولا يدري متى شاء، وهل يترك بعد ما عمل قليلًا أو كثيرًا؟
والجواب عن القسم الثالث: إذا قال له: فما حصدت اليوم أو لقطت فلك نصفه: فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه جعل والجعل لا يجوز فيه الأجل؛ لأن الأجير غير عالم بما يصح له في ذلك إلا أن يشترط له أن يترك متى شاء، فيتخرج على الخلاف الذي قدمناه في الجعل إذا ضرب فيه أجل؛ فظاهر "المدونة" الجواز، ولابن القاسم في "المدونة" أنه لا يجوز، وقد قال في الذي قال: جذ نخلي هذا، واترك متى شئت ولك نصف ما عملت أنه لا أجر فيه.
والجواب عن القسم الرابع: إذا قال: احصد زرعي هذا وادرسه، ولك نصفه، فهل يجوز ذلك أم لا؟
فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: أن ذلك لا يجوز، وهو قول ابن القاسم في "المدونة" وغيرها.