ولا خفاء لما في هذين القولين من الضعف والوهاء، وإنما يتردد النظر بين القولين الأولين؛ إذ هما الجاريان على جادة القياس والطريق المقاس.
وينبني الخلاف: على الخلاف في نفي الحكم عن الأسماء الحكمية، هل تنتفي الأسماء بانتفاء أحكامها أم لا؟
والأسماء هاهنا تسمية هذا قراض، وتسمية هذه مساقاة والأحكام التي تصورها هذه الأسامي وتتوارد عليه الصحة.
فإذا انتفت هل ينتفي الاسم والبطلان؟
والمقصود هذا الموضع أحكام الصحة، فإذا انتفت هل ينتفي الاسم حتى لا يسمى قراضًا، ولا مساقاة أم لا؟ فهذا معنى الحكم.
والقول بإجارة المثل مبني على نفي الاسم بنفي الحكم؛ لأنه من جملة أوصافه ينتقل بانتقالها، فإذا وجدنا الاسم والحكم منتف عنه: وجب بذلك نفي الاسم، فإذا قلنا بخروجه عن اسمه لمحض أن تكون إجارة، وصار إجارة معنى، وإن كان قراضًا لفظًا.
والقول بالقراض المثل أو بالمساقاة المثل مبني على أن الاسم لا ينتفي بنفي الحكم؛ لأنه ليس بمعنى ذاتي، وإنما هو معنى منفصل عن الاسم بدليل أنه يتعلق بالاسم بعد ثبوته؛ لأنه يسمى قراضًا قبل أن يتصف بالصحة أو بالبطلان.
فإذا ثبت أن الاسم لا ينتفي بانتفاء الحكم: فإنه يرد فاسده إلى صحيحه لا إلى إجارة لبعدها منه وقربه إلى قراض صحيح لبقاء الاسم؛ فالأوضح الأقيسة على رد النظير إلى النظير، وإلحاق الشبيه بشبيهه؛ إذ الشيء ينحو إلى شكله، ويتنحى عن ضده، وهذا البناء