للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يروق، ولكن لا يستنشق أريجه إلا الغواصون في بحار المعانى، وعن هذين القولين يجب البحث لا ما ورائهما من الخلاف في تعليل الفرق روايتان:

إحداهما: أن قراض المثل أو مساقاة المثل متعلق بالربح إن كان ويفوت فسخه بالعمل وأجرة المثل متعلقة بذمة رب المال، وإن لم يوجد الربح، ويفسخ أبدًا، وهذا هو المشهور عن أصحابنا.

والثانية: الفرق بين القراض والمساقاة؛ فالقراض يفسخ أبدًا، ورد إلى قراض المثل، وإجارة المثل؛ لأنه لا غاية له محصورة ولا نهاية معلومة.

فإن كان مما يرد فيه إلى إجارة المثل: كانت الإجارة متعلقة بربح المال، وإذا لم يكن في المال ربح لم تكن له إجارة، ويرد ما بيده مع السلع إلى رب المال، وتكون له أجرة المثل في شرائها والفسخ فيما يرد إلى قراض مثله، فلا ترد العروض إلى صاحب المال، وإنما معناه أنه لا يتمادى على العمل إذا نض المال بيده على ذلك القراض الفاسد.

وأما المساقاة: فالحكم فيها على ما قيل في الرواية الأولى، وهذا قول ابن حبيب في "الواضحة".

وأما قولنا: يرد ما بيده من السلع، إلى قوله: على ذلك القراض الفاسد: فليس هو من كلام ابن حبيب، وإنما هو تفسير القاضي أبي الوليد بن رشد، وقد حكى أبو محمَّد عبد الوهاب عن القاضي أبي الحسن ابن القصار أنه قال: يحتمل قول مالك عندي أن يكون له ما يساوي قراض مثله، وإن كان في المال وضيعة أيضًا، وقال القاضي أبو محمَّد: فالفرق على هذين قراض المثل وإجارة المثل: أن إجارة المثل متعلقة بالإطلاق، وقراض المثل متعلق بالشرط الذي شرطاه، وتفسير ذلك أن يقال في الإجارة: إن استأجرت المال من عمل له هذا العمل كم تكون إجارته، فيكون ذلك للعامل، ويقال في القراض إذا كان العامل قد رضي بجز كذا

<<  <  ج: ص:  >  >>