واختلف في السادس إذا قال: أكري منك شهرًا بدرهم أو سنة بدينار، هل ذلك وجيبة معينة أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أن ذلك وجيبة بمنزلة ما لو قال: هذه السنة، وهو الأظهر والأشهر، وهو أسعد بظاهر "الكتاب"، وهو مبني من قوله في "الكتاب": إن استأجرت دارًا سنة أو سنتين: فذلك جائز، وله أن يسكن، ويسكن من شاء.
فإن كان لربها الخيار في إخراجه لم يخرج المكتري إن أسكن من شاء، ومن ذلك قوله: استأجرت دارًا سنة بعد ما مضى عشرة أيام من هذا الشهر تحسب هذه الأيام، ثم تحسب أحد عشر شهرًا، ثم يكمل مع الأيام التي بقيت من الشهر ثلاثين يومًا، وهو قول ابن القاسم في آخر "كتاب المدبر" من "المدونة": إذا قال لعبده: أخدمني سنة فأنت حر، فقال: هذه السنة بعينها، أو لم يقل فهو سواء، وتحسب السنة من يوم قوله.
وإن أبق فيها العبد أو مرض، فصح بعد زوالها: عتق ولا شيء عليه.
وقال: ألا ترى في أن من أكرى داره، أو دابته، أو غلامه، فقال: اكترها سنة، وإنما يحسب من يوم قوله، ولو قال هذه السنة بعينها: كان ذلك أيضًا.
والثاني: أن قوله سنة لا يقتضي التعيين، وله الخروج، ولرب الدار إخراجه متى شاء؛ مثل قوله: كل سنة، وهو ظاهر قوله في "كتاب ابن المواز"؛ في الذي قال: أكريك شهرًا بكذا، فسكن شهرًا، ودخل في الثاني، فخرج قبل تمامه، فقال: عليه بحساب ما أكرى، ولو كان بعينه لكان عليه في الثاني كراء المثل، وهذا نص قوله، وإليه ذهب بعض المتأخرين.
فإذا انعقد الكراء بينهما بأحد هذه الألفاظ: لزمهما، ولم يكن