أحدهما: وجوب النفقة والكسورة، وهو نص قوله في المدونة؛ قياسًا للإياب على الذهاب.
والثاني: أنه لا نفقة له ولا كسوة، وهو ظاهر قوله في المدونة؛ حيث قال:"فإذا رجع إلى مصره لم يأكل منه"، فيحتمل أن يريد بقوله:"إذا رجع": أي: إذا وصل إلى مصره، ويؤخذ أيضًا من قوله في "الكتاب" في الذي أخذ مالًا قراضًا من بلد له فيها أهل فخرج به إلى بلد له فيها أهل: وإنه لا نفقة له في الذهاب والرجوع؛ لأنه ذهب إلى أهله ورجع إلى أهله، وهذا الاستقراء ظاهر جدًا.
وأما الوجه الثاني: إذا كان السفر قريبًا والمال قليل، فلا كسوة له قولًا واحدًا، وفي النفقة قولان:
أحدهما: وجوب النفقة له، وهو قول ابن القاسم في سماع عيسى عنه في "العتبية".
والثاني: أنه لا نفقة له، وهو ظاهر المدونة و"الواضحة"، وقد قال في "الكتاب": "إنما تكون له النفقة إذا كان المال يحمل ذلك".
وأما الوجه الثالث: إذا كان السفر بعيدًا، والمال قليلًا: فلا نفقة له ولا كسوة، ولا أعرف في هذا الوجه نص خلاف.
وأما الوجه الرابع: إذا كان السفر قريبًا، والمال كثير: فله فيه النفقة دون الكسوة، إلا أن تكون له إقامة بموضع مثل الشهر والشهرين حتى يحتاج فيه إلى الكسوة، فيجوز له أن يكسي منه، وهو قوله في "المدونة" و"العتبية".
وحد المال الكثير الذي تجب فيه النفقة والكسوة: إذا سافر مثل الأربعين دينارًا أو الخمسين، وهو نص قول مالك في "الموازية".