للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف إذا خرج لحاجة تعرضت له في بلد من البلدان، فأخذ مالًا قراضًا فخرج، هل له فيه النفقة أم لا؟ على قولين:

أحدهما: أن له فيه النفقة على قدره، وأنه ينظر إلى قدر نفقته في سفره، فيجعلها كمال آخر، فتقصي النفقة عليها وعلى ما أخذ من المال؛ فإن كانت قدر مائة والقراض سبعمائة: فعلى المال سبعة أثمان النفقة، وعلى العامل ثمن في خالص ماله، وهذا قول ابن القاسم في "المدونة"، و"العتبية"، و"الموازية".

والثاني: أنه لا نفقة له في مال القراض أصلًا؛ لأنه إنما خرج لحاجته لا بسبب القراض، وهو قول سحنون في بعض روايات المدونة في رواية "المدونة" في رواية ابن لبابة، وهو قول ابن عبد الحكم في "مختصره"، ويؤخذ لابن القاسم من "المدونة" من مسألة الحاج إذا أخذ مالًا قراضًا فخرج به إلى الموسم والأصل في هذه الجملة: أن المراعي في استحقاق النفقة أن يكون خروجه من أجل المال، وأن يكون السبب الباعث له على الخروج طلبًا لتنميته بتكثير المالية دون أن يكون ليبتاع حاجته، وعارض ضرورة؛ لأن الأصل عدم التسليط وعدم التصرف في ملك الغير إلا بحصول شرطه، فإذا ثبت ذلك، فإنه إنما يستحق من مال القراض على الشريعة المتقدمة ما لا ينفك منه الإنسان غالبًا كالنفقة، والكسوة، وكراء الركوب، وكراء المسكن، ودخول الحمام، والحاجة، وحلق الرأس، وغسل الثوب، وما أشبه ذلك، وما فضل عند العامل إذا قدم من سفره، فإنه يرده ويكون من جملة المال.

وأما خلق الثوب، والجبة، والقربة، والغرارة، والإداوة: فلا يرده، وهذا قول ابن القاسم عن مالك في "المدونة"، و"الموازية".

والبضاعة إذا أخذها مثل القراض ينفق منها إذا شخص بها، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>