ولا إنقاذ حكم قال الشيخ أبو إسحاق بن شعبان في "الزاهي": فالحاكم لا يجوز أن يكون نصف حاكم، فلا يجمع اثنان فيكونان جميعًا.
وأما أن يستقضي في البلد القضاة، والحكم ينفرد كل واحد منهم بالنظر فيما يرفع إليه من ذلك فجائز، والدليل على ذلك: إجماع الأمة؛ لأنه لم يختلف في ذلك واحد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا, ولا أعلم أنه أشرك بين قاضيين في زمن من الأزمان، ولا في بلد من البلدان.
ودليل آخر: أن المذهب مختلف والأغراض متباينة، ولا يصح أن يتفق رأى رجلين في كل شيء حتى لا يرى أحدهما فيه خلاف ما يرى الآخر.
وإذا أشركا بين الحكمين عاد ذلك إلى اختلافهما في المسائل وتوقف نفوذها كالإمامة؛ لأنهما يحكمان في قضية واحدة وليس بولاية، فإن اتفقا نفذ حكمهما، وإن اختلفا لم ينفذ حكمهما وحكم ما لم يكن في ذلك مضرة، ولا مفسدة، وهذا بناء في الولاية؛ لأن من ولى القضاء لا يمكن الاستبدال عند المخالفة، فيؤدي ذلك إلى توقف الأحكام وامتناع نفوذها.
وأما الخصال المشترطة في الاستدامة [والتي](١) توجب عزل القاضي عند الإخلال بشيء منها فهي: أن يكون سميعًا، بصيرًا، متكلمًا، عدلًا.
فهذه الأربع خصال لا يجوز أن يولي القضاء إلا من اجتمعن فيه، فإن ولى من لم يجمع فيه وجب أن يعزل متى عثر عليه، ويكون ما مضى من أحكامه نافذًا جائزًا إلا الفاسق الذي يعزل: فاختلف في أحكامه التي صادف فيها وجه الحلم، وعثر على الصواب على قولين: